';function Lazy(){if(LazyAdsense){LazyAdsense = false;var Adsensecode = document.createElement('script');Adsensecode.src = AdsenseUrl;Adsensecode.async = true;Adsensecode.crossOrigin = 'anonymous';document.head.appendChild(Adsensecode)}}

قصّة مارييت في بيت المقدس

قصّة مارييت في بيت المقدس

 قصة مارييت في بيت المقدس 

مارييت فتاة نصرانية أخذت تدور في البيت لا تستطيع أن تجلس
لا تستطيع أن تستقر من خوفها وجزعها على زوجها، مشفقة أن يصيبه مكروه
تأخذ ولدها الرضيع وتضمّه إلى صدرها
تناجيه ثم تتذكر زوجها فيصيبها اليأس ويخيّل إليها أن هذا الطفل الصغير صار يتيما لا أباً له
وتتخيّل أن زوجها صار قتيلا في أرض المعركة؛
فتبكي وتنزل دموعها على وجه الطفل
فيستيقظ مذعورا يبكي فتمتزج دمعة الأم بدمعة الطفل 

هذا الجزع كان بسبب خوف هذه المرأة الشابة على زوجها الذي خرج منذ الصباح لردّ الأعداء المسلمين
الذين جاءوا لأخذ بيت المقدس بعد أن استردّه النصارى لمدة 88 سنة في يد النصارى الآن
جاء المسلمون الأعداء في (نظره) ليأخذوه من النصارى من جديد
فقام زوجها بهذا الشرف المقدس بالنسبة له ولمارييت أن يحمي بيت المقدس
ويجعله في يد النصارى إلى أبد الدهر
وظلّ الخبر معدوما عن هذا الزوج حتى غربت الشمس أو كادت
ولم يأتي الزوج ولم تعرف الزوجة ماذا حصل له 

كانت فتاة باسلة شجاعة ثابتة الجنان ما كانت تعرف الخوف، وقليل من الفتيات مثلها
لكن وقعة حطين التي حدثت قبل أيام لم تدع لشجاع من الفرنجة قلبا ولم تترك لفارس مأملا في النصر
طحنت حطين جيوش النصارى طحنا وعركتها عرك الرحى زعزعتها من مواضعها
هذا بالنسبه للأبطال الذين تعودوا على القتال فكيف بقلب إمرأة فاتنة حسناء 

وزوج مارييت كان فارس الحلبة بطل القوم كان قد رأى فتيات الفرنجة والألمان والإنجليز وفرنسا
رآهم في القدس قد تجمعن مع الجيوش التي جاءت من أوروبا
سبعة جيوش جاءت من أوروبا وأخذت القدس من المسلمين ومعهن نسائهن و فتياتهن
فرأى من أصناف الفتيات الأوروبيات فلم يرَ فيهن من هي أجمل من مارييت فافتتن بها
وهام بها وهامت به؛ فتزوجها وكان بالنسبة لبعضهما خير زوجين
وعاشا في حياة النعيم وكانت لهم دار في بيت المقدس 

بالنسبة لهم جنة صغيرة يعيشان فيها
لكن هذا الزوج البطل بالإضافة إلى حبه لزوجته كان يحب دينه متمسك بنصرانيته وصليبه
وحرصه دائما على أن يبقى فارس النصرانية وبطل النصرانية
فكان كلمّا سمع نداء ضد النصارى هبّ لنصرة النصرانية أمام المسلمين
الذين كانوا يحاولون إسترجاع فلسطين من النصارى في ذلك الوقت
ولذلك إشترك في كثير من معارك لمّا دعا داعي القتال كان أول الملبّين 

فتح الباب على مارييت فخفق قلبها مريض وتلاحقت أنفاسها ما تدري من الذي سيدخل عليهاّ!!
أهو بشير يبشرها بأن زوجها سالم ولم يصب بسوء؟
أم هو الناعي الذي يخبرها أنها نهاية هذا الزوج الحبيب؟
وفوجئت بأنه لا هذا ولا ذاك، بل هو زوجها بنفسه يدخل عليها سالما يمدّ لها ذراعيه
فتلقي نفسها بين يديه، ثم يحدثها ماذا حدث منذ الصباح حديث النصر
لقد ردّ المسيح أعداء النصرانية، لقد خافوا وفتّ في أعضاءهم فانطلقوا هاربين
قبل أن نبدأ الحرب قبل أن يبدا القتال
لقد استقر ملك المسيح في بيت المقدس أيتها الحبيبة إلى أبد الدهر
يا مارييت لو أبصرت المسلمين وقد خافوا عندما رأوا أسوار بيت المقدس
ورأوا الأبطال على بيت المقدس خافوا وفزعوا، فقط من منظرنا هربوا 

أبطال النصرانية من فوق الأسوار هدّدوهم وفرسان الصليب هجموا عليهم
فولوا هاربين وتركوا خيامهم وتركوا معسكرهم يريدون النجاة
يقول : "أنا تعجبت من هؤلاء هم الذين انتصروا في حطّين!
هؤلاء هم الذين طحنوا الجيش النصراني في حطّين؟
لقد فروا أمامنا مثل النعاج الشاردة" 

ياليت الأبطال الذين في بيت المقدس اليوم شاركوا في حطين
لَعَرف المسلمون ما هو القتال الحقيقي لم يقاتلهم الأبطال في حطين
ما قات لهم إلّا أناس لا يحسنون القتال ففرحت مارييت وهي متعجبة:

هرب المسلمون!!؟
سلمت بيت المقدس؟ ظلّت في يد النصارى!؟
وإذ بالأخبار تأتي أن هناك إحتفالا كبيرا بالنصر سيقام في الكنيسة الكبرى في بيت المقدس
فخرجت مارييت مع زوجها لتحضر هذا الإحتفال الكبير وفي الطريق أخذ يحدّثها عن المسلمين:
هؤلاء الوحوش الكفرة، (هكذا يصف المسلمين قاتله الله)
يصف لها أن دينهم هذا دين فظيع هؤلاء رجال قساة يأكلون لحوم البشر ويشربون دماء البشر
ويصور لها أن ملك المسلمين صلاح الدين كما وصفه أيضا الكهنة ورجال الكنيسة؛
رجل خبيث وسفّاك دماء وغادر وخائن وليس له عهد ولا ميثاق 

بدأ يصف صلاح الدين بكل هذه الأوصاف التي ليست  فيه
وكلمّا زاد في الوصف ضمّت مارييت الولد إلى صدرها وأشارت عليه بالصليب تستجير به (هكذا في عقيدتهم)
وتستجير بالقدّيسين جميعا وبالمسيح والعذراء أن لا يصيبها شر من صلاح الدين و ابنها وزوجها   
وألّا ترى وجهه المخيف وذهبت وحضرت الإحتفال
وكان احتفالا عظيما بالكنيسة الكبرى بالنصر والهزيمة التي حدثت لصلاح الدين
كيف فرّ من أول هجوم من فرسان بيت المقدس على أسوار بيت المقدس 

إنتهى الإحتفال وبدأ الناس يعودون إلى بيوتهم وصارت مارييت مع رضيعها ومع زوجها
وهي تحس أن الدنيا عادت لهم من جديد وأن الدهرعاد بالنعيم
فوصلت إلى بيتها واستلقت على فراشها تناجي ولدها وتناجي الأمال والأحلام
كيف سيكبر ولدها وكيف سيكون بطل من أبطال النصرانية
ثم تتخيل فلسطين بلا آذان، بل بنواقيس فقط وترى زوجها هكذا في الخيال
قد علا في المناصب حتى صار القائد الأعظم
وهي في أحلامها هذه نعست وأغمضت عينيها على هذه الصورة الجميلة الحلوة
التي هي في أحلامها ونامت مارييت.

لكن وهي في النوم بدأت ترى وتسمع أصوات حلم مزعج
أحسّت كأن المدينة تهتز والأرض تتحرك من تحتها
وأن حصون بيت المقدس تدك دكًّا وأن حجارة بيت المقدس بدأت تتساقط
كأن نسرا ضرب بجناحيه بيت عصفور صغير فخلعه من مكانه وجعله يتناثر
وبدأت تسمع أصوات البكاء والصراخ ونداء الحرب،
فانتبهت وإذ هو ليس بحلم وإذ به الحقيقة
وقفزت من مكانها وأخذت ابنها وضمّته إليها
ونظرت إلى جهة سريرزوجها فإذا هو ليس في مكانه
فخرجت ما الخبر!؟

فأخبروها أنّ إنسحاب صلاح الدين ما كان إلّا حيلة
والتفّ التفافاً عظيما ودار حول البلدة، بيت المقدس حتى وصل إلى جبل الزيتون
ثم بهجوم كاسح من جيشه صدم المدينة صدمة زلزلت المدينة وهزّتها هزاً
وكادت تقتلعها من أساسها وبدأ المنجنيق يقذف بالحجارة وترمي من مسافة بعيدة
فبدأ يقذف القدس بالحجارة بالمنجنيقات ويقذفها بالنيران المشتعلة
أخذ جنود صلاح الدين الأبطال يهجمون على أسوار بيت المقدس ليعيدوه إلى الإسلام من جديد
ويحرّره من الإحتلال الذي دام عليه 88 سنة

فجاء الجنود من كل مكان مثل السيل وبدأوا يصعدون
وأخذ الذي يصف المشهد لمارييت يقول:
كأنهم شياطين شياطين الجحيم نضربهم بالنيران فلا يحترقون نضربهم بالحديد فلا يؤثر بهم
كأن الشياطين تقاتل معهم 
مارييت كانت واثقة أن الدفاع عن بيت المقدس محكم والقدس عاصمة النصرانية لمدة 88 سنة
وهم يحمونها، فهي أكثر المقدسات عندهم لا يمكن أن تسقط 

وفي داخل القدس ليس 1000 ولا 2000
60000 من خيرة أجناد الصليب يقودهم بليان ويصرفهم البطريك الأكبر
ويواجههم صلاح الدين ب 12 ألف!!
لابد أن النصر لنا
لكن هذه المفاجأة وهذا الهجوم الذي لم يتوقع أدخلت الشك في قلبها
ووقفت تسأل كل مار عند بيتها عن الأخبار فجاءت الأخبار!! 

خبر أسوء من الخبر عليها، كل خبر شر عليها من الذي قبله
حتى جاءها الخبر المؤلم
أن الرايات بيضاء قد رفعت على أجزاء من سور القدس.. رايات البيض، رايات السلام،
طلب الهدنة والإستسلام
النصارى شعروا أنهم لن يستطيعوا أن يقفوا أمام هذا الهجوم
فرفعوا الرايات البيضاء يطلبون المفاوضات لتسليم القدس 

ووافق صلاح الدين وكان من شأنه التسامح. لو شاء لأكمل ولفتح المدينة
ولقضى على كل مقاومة فيها ولقتل كما فعل النصارى
النصارى لمّا فتحوا القدس قبل 88 سنة من هذا الحادث سالت دماء المسلمين
(هكذا يصف المؤرخوا النصرانية، ليس مؤرخوا الاسلام، إرجعوا إلى الكتب التاريخية النصرانية)

سالت الدماء في بيت المقدس عندما فتح النصارى ذبحوا في المسلمين حتى أن المسجد صارت الدماء فيه
والأشلاء إلى الركب يسيرون في دم إلى الركب في رواية أن وصل عدد القتلى 70 ألف مسلم قٌتلوا في ذلك اليوم
الآن يستطيع صلاح الدين أن ينتقم، خاصة أمام مدينة لم تستسلم وأصرّت على الحرب
ولو شاء لفتحها بالقوة وفي حالة الحرب بالقوة يقتل كما يشاء
لكنه رحمه الله تعالى كان من شأنه دائما الميل إلى السلم 

"وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكّل على الله"
فلمّا رأى راياتهم البيضاء تطلب السلام أرسل إليهم قال: أرسلوا إلي قائدكم ليفاوض
فجاء القائد وبدأ يفاوض. فتمّ الإتفاق ووقفت الحرب،
تمت الهدنة على أن تفتح أبواب بيت المقدس للمسلمين ويدخلونها بسلام
لا يتعرض لهم أحد وكذلك 40 يوما من حق أهل بيت المقدس من النصارى أن يبقوا في بيت المقدس
وبعد ذلك من أراد البقاء في بيت المقدس تحت حكم المسلمين
تحت حكم صلاح الدين له ذلك ومن أراد أن يخرج فيسمح له أن يخرج
والذي يخرج يدفع  10 دنانير من الذهب للرجل والمرأة تدفع خمس دنانير
والولد يدفع دينارين

وأما الذين يريدون البقاء في حكم المسلمين فيدفعون دينارا ذهبيا كل عام جزية
مقابل الدفاع عنهم وتمّ الصلح على هذا وبدأ بعض الناس يخرجون
والآخرون يرتبون أنفسهم يأخذون ما يشاؤون
طبعا كان يستطيع صلاح الدين أن لا يترك لهم شيئا
كان باستطاعته أن يفتحها ويأخذ كل دنانيرهم وكل أموالهم وكل أملاكهم وبيوتهم
ويجعلهم أسرة ويحولهم إلى عبيد...
يستطيع ومن حقّه لأنهم هزموا في معركة هذا ليس صلحا قبل المعركة هذا الصلح أثناء المعركة
مستعد يرفض المفاوضات ويصّر لكنه كان يميل إلى السلام
ويعتبر هذا الإتفاق لصالح النصارى بشكل كبير كل شيء لهم
ومن حقهم يأخذوا كل أموالهم لكن يدفعوا فقط هذه المبالغ 

وتمّ الصلح ودخل صلاح الدين وتركت مارييت القوم
تبحث عن زوجها.. الحبيب أين هو!؟
لعلّه قتل في أثناء الدفاع عن بيت المقدس
أخذت تمشي في الظلام تدور حول الأسوار تفتّش عن زوجها الحبيب تبحث في أي باب مفتوح
فترى أسوار بيت المقدس وقد دخلها جنود صلاح الدين الظافرين بالمشاعل والتكبير والتهليل
فتخاف منهم وتشدّ يدها على ولدها وتبتعد عنهم
وإذ بأبطال المسلمين يدخلون بيت المقدس ويدوسون على أعلام الصليبيين
الذين جاءوا من أنحاء أوروبا ظلما وعدوانا.. قتّلوا وشرّدوا
الآن هم الذين شُرِدوا 

فداس المسلمون على أعلامهم الممزقة المحروقة مختلطة بجثثهم
فزاد خوف هذه المرأة وزاد خوفها على زوجها وبدأت تذهب بين قتلى
(وهذا منظر مؤلم شديد، الحرب صعبة وخاصة عندما يبدأ الانسان يبحث عن حبيب له بين القتلى)
فأخذت تفتّش عن زوجها وتبحث بين القتلى والأشلاء
وزادت هذه المسألة الحزن الذي في قلبها على إنهزام النصرانية 

وأخذت تستمر تنظر في وجوه القتلى وتسأل أي واحد ممّن تعرفه من أصدقائها وعشيرتها وأحبابها
فلم تبصر شيئا وخاصة أن الظلام بدأ يزداد والجثث ممزقة والحرب طحنتها
ما استطاعت أن تتبين شيئا في الظلام
بدأت تتذكر حياتها فإذا حياتها إنتقلت من حياة نعيم وعزّ ومجد إلى حياة رعب وفزع وشقاء
لا تدري ماذا حدث ولا تدري ماذا سيحدث!!
كيف سيكون مصيرها في ظل هذا الحكم الجديد!؟ 

ومن أشد ما أصابها أنها لم تجد أحد يساعدها في البحث عن زوجها
الكل مشغول عنها كل واحد منهم قد شغلته مصيبته بنفسه
كأنهم في يوم القيامة كل واحد يقول "نفسي.. نفسي"
ورجعت بعدما فشلت في البحث أن تجد زوجها
رجعت وهي تتخيّل هذه الرواية التي حدثت إبتداءًا بالنصرالعظيم الذي حقّقه أبطال النصرانية
ومن بينهم زوجها في بداية الليلة
والحب والوصال لمّا رجع إليها زوجها ثم إنتهاء بالخيبة المُرة والهزيمة الماحقة
والفراق الذي حدث لها الآن، كيف يمكن أن يتغير كل شيء بني في 88 سنة!؟
يتغير في ليلة واحدة!!

 كيف يهدم رجل واحد (صلاح الدين)
كيف استطاع هذا الرجل وحده أن يهدم ما أنشأه وتعاون عليه ملوك أوروبا السبعة؟!
أعظم ملوك أوروبا، ملك بريطانيا وملك فرنسا وملك ألمانيا وأربعة ملوك آخرين
كلهم تجمّعوا من أجل هذه الحروب الصليبية
فواجههم ملك واحد تجمع له من الجيوش 500 ألف مقاتل بينما صلاح الدين لم يكن عنده سوى 12 ألف مقاتل
ومع ذلك هزمهم
أيكون أمير مسلم واحد في ميزان يعادل لسبعة ملوك من النصارى!؟
أيكون 12 ألف مسلم من المقاتلين يعادل نصف مليون من النصارى المقاتلين!؟
فما بالكم لو تحالفت قوات المسلمين في كل الأرض وتجمعوا...

تخلّى خليفة المسلمين في بغداد وتخلّى ملوك المدن في الشام وفي مصر،
تخلوا عن صلاح الدين وتركوه وحده يواجه النصارى ومع ذلك انتصرعليهم
فكيف لو كانوا موحدين!؟
كيف لو كانت هذه الحروب قد جرت في أيام الخلافة التي كانت مملكة المسلمين!؟
وحكمهم يصل من الصين إلى قلب فرنسا، وصل المسلمون إلى 60 كلم  فقط من باريس
هكذا وصلوا.. وصلوا إلى حدود الصين لو هؤلاء توحدوا ماذا سيفعل بنا
ثم رجعت الآن زوجها أين هو!؟

 فأخذت وهي تدور تسأل كل من تلقاه هل عرفت شيئا عن زوجي!؟
الكل يأتيها بالرد الذي لا تود سماعه لا أحد يدري بل بعض الناس حتى ما التفت إليها
ولم يلق لها بال ولا أجابها حتى بكلمة والذي يجيبها يقول لها: لا أعلم..
هذا الذي يعطف عليها يجيب.. لاأعلم
وظلّت هذه الفتاة تبحث عن زوجها تحدّق في الوجوه
إذ مر عليها شيخ من شيوخ النصارى قال لها كلمتين طيبتين تمنت أن ترى أي خبر
وهي تبحث وتقول له: يا أبتي هل رأيت زوجي!؟
فلم يحب أن يخبرها بما تكره فغيّر الحديث وشغلها بأمور أخرى فقالت:

يا أبتاه (تُكلم الشيخ)
ماذا يصنع بنا هؤلاء هل سيخطفون ولدي مني ويأكلون لحمه أمام عيني؛
فتعجّب الشيخ قال من أخبرك أنهم يفعلون ذلك!!
قالت زوجي والقسيس أخبرني أنّ هؤلاء قوم وحوش يأكلون لحم البشر!
فضحك الشيخ النصراني الحكيم
قال: هذا كذب المسلمون قوم الكرام
أهل الوفاء وأهل نُبل ملكهم صلاح الدين خير ملوك الأرض قاطبة؛
فتعجبت!! صلاح الدين الذي إسمه يفزع الأطفال؟! هل جننت!

فبدأ الشيخ يحدّثها عمّا عرفه من صفة المسلمين وعن فتوحاتهم السابقة
وعن أخبار صلاح الدين وعن تسامحه وعن عدله وعن كيف أرسل من يعالج شرلمان وهو يقاتل في المعركة
مارييت فتحت فمها دهشة ما تكاد تصدق..
معقول هذا الكلام أين الكلام الذي أسمعه ليزوجي عن المسلمين وكلام القسّيس عن المسلمين!؟
قال لها الشيخ: يا مارييت لو ذبحونا اليوم لما كانوا معتدين بل كانوا منصفين
نحن لمّا دخلنا القدس قبل 88 سنة قتلناهم
قتلنا المسلمين في البيوت وفي الشوارع وفي المساجد وحيث ما وجدناهم
حتى صار المسلمون يلقون بأنفسهم من فوق الأسوار لينجو منّا

قتلنا منهم في ذلك اليوم لما فتحنا القدس 70 ألف ولم يتحرك قلب من قلوبنا شفقة
ولم يقف لسان ينكر ما حدث من تلك المجزرة في النساء والأطفال والرضّع
استغربت قوله ماذا يقول هذا الرجل المخرّف وتركته...
وأصبح الصباح وهي لا تزال تفتّش وتبحث والولد بين يديها ولا يعرف هذا الرضيع سوى كلمة "بابا"،
فكلما قال كلمة "بابا.." إشتعل الحزن في نفسها
(هذه كلمة الطهر ينطق بها الطفل قبل أن يعرف الشر. ما أجملها)
فالأبوة والأمومة خير والحب الذي يأتي معهما رابطة بيد الإنسان ينمّيها أو يعقّها

الأبوة والأمومة من صنع الله عز وجل ... الله سبحانه وتعالى جعل في فطرة الإنسان التحرّك نحوها؛
فلمّا سمعت هذه الكلمة (بابا) تحرّق كبدها وكادت تتمزّق من داخلها وضاق عليها الأمر
فذهبت إلى جاراتها تجمعنّ وأخذت تسألهن أي أخبار فلا يدرين
وإذ بالقدس ترتّج بصرخة واحدة المسلمون ينادون... "الله أكبر..."
والنصارى يعولون ويبكون ويتساءلون ما الذي حدث!؟
الفتح قد تم بالأمس فلماذا التكبير الأن!؟
وإذ بمشهد عجيب

خرجت النسوة يرون ما الذي حدث؟
فإذا أحد الفاتحين استطاع أن يتسلّق قبّة الصخرة وصعد فوق القبّة
وأنزل الصليب الذهبي الذي خيّم عليها 88 سنة
وظنوا أنه سيبقى إلى يوم القيامة وعادت قبّة الصخرة مسلمة موحدة بلا شرك
وجاءت الأخبار إلى النسوة عن ماذا يصنع المسلمون في المدينة،
فجعل النسوة يتعجبن ولا يصدقن 

جاءت الأخبار أن الجيش الذي دخل بقوته وجبروته لم يؤذي إنسانا ولم ينهب مالا ولم يمس إمرأة
ومن أراد الخروج يحميه الجيش حتى يخرج؛
بعد أن يدفع ما اتّفق عليه النصارى مع المسلمين في بنود الهدنة
ويخرج النصارى يحملون معهم ما يشاءون...
هذا يخرج معه الأموال والذهب والأثاث..ما شاء
لو أراد أن يخرج بقافلة كاملة لا يمّسه المسلمون بشيء
إلتزام كامل بهذا العهد وجاءت الأخبار أن بعض النصارى لم يحب أن يسافر بأثقال كبيرة وأثاث كثير
فقرّر أن يبيع أثاثه في السوق ونظرا لكثرة البيع من المفترض أن تنزل الأسعار 

فعمم صلاح الدين على الجيش المسلم اشتروا الأثاث من النصارى بسعرها المناسب
لا تبخسوهم أثمانها فكانوا يشترونها بسعرها الطبيعي
والوقت وقت البيع المفروض تنزل الأسعار كالعرض والطلب
لكن هكذا فعل المسلمون
جاءت الأخبار أن سوق القدس مفتوح والنساء يذهبن بلا حماية
والنصارنيات يأتين ويذهبن لا يمسسهن أحد
معقول يكون فتح جيش من الرجال لا يمسون إمرأة!
متى حدث هذا في التاريخ!!؛ إلّا بيد الجيوش المسلمة
فأخذوا يتحركون بكل حرية. 

النسوة لمّا وصلتهم الأخبار إطمئنت نفوسهم
بدأن يخرجن ويقتربن من السوق وإذ فعلا الأخبار صحيحة لا يرون إلّا الخير والمروءة واللطف
وجدوا أن المسلمين قوم أهل حضارة وتمدّن ليسوا وحوشا كما وصف لهم
ليسوا آكلي اللحوم بشر كما روي لهم
ثم جاءت الأخبار عمّا حدث داخل المسجد  (المسجد الأقصى الشريف)
عندما دخله المسلمون جاءت الأخبار أن المسلمون طهروه من كل التماثيل وطهروه من كل علامات النصرانية
وأعادوه إلى بساطته من جديد 

ثم جاؤوا بالمنبر العظيم الشهير الذي صنعه نور الدين الزنكي الشهيد
الذي كان قبل صلاح الدين وبدأ الجهاد قبل صلاح الدين وصنع منبرا أثناء إحتلال النصارى للقدس
وحلف أن يكون هذا المنبر في القدس عندما تفتح
فصلاح الدين كان قد جاء بالمنبر معه
فأمر أن يدخل المنبر وأدخل منبر نور الدين الزنكيي الذي جاء به صلاح الدين الأيوبي
فأقاموه في الحرم وقامت عليه خطبه يوم الإسراء
وجاء للنسوة شاهد يشهد لهن ويصف لهن ماذا رأى وماذا سمع في هذا المسجد يقول:
دخلت (وهو نصراني) فلم يمنعني أحد ولم يسألني من أنا...

فاختلطت بالمسلمين فإذا هم جميعا يجلسون على الأرض لا تتفاوت مقاعدهم ولا يمتاز أميرهم عن واحد منهم 
فلمّا أذن المؤذن خشعت الجوارح وسكنت حركاتهم وخضعوا لله رب العالمين قال:
فتعجبت هؤلاء الذين كانوا بالامس جنًّا في المعركة وشياطين يوم القتال؛ تغيروا الآن فصاروا رهبانا خشّعاً
ثم رأيت خطيبهم قد صعد المنبر فخطب خطبة تُحرك الأرض والجماد
لو سمعتها الصخور لانبثقت فيها الحياة ومشت فيها الروح 

ثم تأملت في حالهم فوجدت أن هؤلاء لا يمكن أن يغلبوا ماداموا على هذا الحال من القتال في المعركة
والخضوع لله والخشوع في العبادة بهذه الصورة هؤلاء لا يمكن أن يهزموا
ولو اجتمعت عليهم دول الدنيا لأن قوة الإيمان أقوى في نفوسهم من كل قوة
لا يخيفهم شيء إلّا الله عزّ وجل يحبونه ويخافونه
هؤلاء القوم رأيتهم أمس بالمعركة ورأيتهم اليوم في المسجد فعرفت أنهم لا يخافون الموت
بل قوم يحبّون الموت ويريدون الموت في سبيل الله 

هذه الديار التي فقدناها اليوم كانت بيد النصارى فذهبت من أيدينا والله لا تعود إلينا أبدا
ما دام هؤلاء متمسكين  بدينهم لا أمل لنا وقد أنزلوا الصليب اليوم بعد ما لبث 88 سنة على ظهرها
لن يعلو إلّا شعار محمد على هذه القبة ما داموا متمسكين بهذا الدين
(طبعا هذا حق، هذا صحيح أي دين يتمسك الناس به، أي دين حتى لو كان منحرف يتمسك الناس به
وينطلقون لا يقف أمامهم أحد، إلا من تمسّك بيدينه أكثر منهم)
فالروح المعنوية لا يقف أمامها أحد ليس كمن يقاتل لأجل الدنيا 

هؤلاء يقودهم صلاح الدين لكن لو لم يقدهم صلاح الدين  لقادهم كثيرون من أمثال صلاح الدين
يريدون الموت ويقيمون العدل بين الناس
ماريييت تسمع هذا الكلام متضايقة كيف يمدحون المسلمون
وفعلا هي ترى الطبقية التي في دينها والزخارف التي يتميز بها رجل الدين و الحاكم
معقول هذا ليس في كل الأديان!!
لم تكن  تتخيل أنّ هناك دين ليس فيه هذه الظاهرة
ثم بدأت تسأل جيرانها فوجدت أن مجموعة منهم قد قرّروا البقاء تحت حكم الإسلام
يدفعون دينارا ذهبيا واحدا ويعيشون تحت حكم المسلمين.
فتعجبت كيف ستعيشون تحت حكم المسلمين!!

قالوا: هؤلاء أرحم بنا من أهلنا، هؤلاء قوم حضارة وتمدّن هؤلاء ملتزمين بعهودهم
فقالت: لا والله لن أبقى تحت حكم غير حكم ديني وأصرّت على الخروج حتى بدون زوج
لا تدري ما مصير زوجها وسمعت ببعض النصرانيات من صاحباتها قد قرّرن نفس القرار
فقرّرت أن تكون معهن في مجموعة تخرج من القدس ولا تبقى تحت حكم المسلمين
أضافت أمور إلى هذا القرار كل شيء حولها يذكّرها بزوجها... البيت والملابس...

وهي ما تدري مصير زوجها فكلمّا تلتفت تتألم
فقرّرت أن تترك كل هذا المكان حتى لا يعود إليها الألم
وعندما استعدّت القافلة النصرانية للخروج إلى بيت المقدس مشت القافلة
وتلفتت مارييت إلى الوراء تودّع بيتها الحبيب وحارتها الجميلة التي عاشت فيها حياتها
ودفعت المبلغ المتفق عليه وخرجت من بيت المقدس
والتفت إليها هذه البلدة التي ولدت فيها ولم تعرف لها بلدا غيرها
ونظرت إلى موضع الصليب الذهبي الذي كان يشرق على قبة المسلمين فيها
وإذ بالقبة خالية من الصليب فشعرت كأنها تركت قلبها في القدس وهي تخرج

(هذه العواطف... هي لكل الناس كون أن هؤلاء يخالفوننا في العقيدة وقاتلونا
لا يمنعنا أن نستشعر أن للناس عواطف وأحاسيس)
وبدأت تشعر بالألم كيف هذا!!
بلدها صار لعدوها وزوجها إختفى لا تدري هل هو في بطن الأرض
أم هو أسير في بطن وحش أكله أو كلب  مزّقه
تلفّتت وذكريات صباها وبقايا سعادتها وحبها تركتها وراءها

ما فرحت بخروجها لهذه الذكريات لكنها خرجت وهي متألمة
والذي أخرجها أن هناك ألم أكبر لو بقت فكل شيء يذكّرها بما فقدت
وقرّرت أن تخرج من الديار التي فتحها المسلمون
وتذهب إلى أجزاء فلسطين التي ما زالت في يد النصارى
(كانت أجزاء كثيرة ما زالت في يد النصارى)
فقالت: لا أبقى بين المسلمين أذهب.. مازالت في فلسطين، لكن عند قومي عند أهلي عند أهل ديني

وسارت وهي سابحة في أفكارها وتخيّلت هكذا تتمنى الأماني أن زوجها يمشي معها في هذا الموكب
وتخيّلت الموكب تحوّل إلى جيش والجيش تحوّل إلى انتصارات ثم التفتت وإذ بمجموعة مهزومة هاربة
فبدأت تبكي وأخذ النسوة من حولها يبكين... ويبكين جميعا على القتلى وعلى الأسرى
وانطلقت القافلة النصرانية وبينما هم يسيرون
إذ مجموعة من الفرسان المسلمين على الخيول ينطلقون نحو هذه القافلة التي معظمها من النساء
فأُمرت القافلة بالوقوف ففزع كل من في القافلة وفزعت النسوة وأيقنّ بالهلاك 

الآن عرفت حقيقة المسلمين الغدر وإذ بالخيّالة هؤلاء يحركون القافلة على غير الطريق الذي هم فيه
حتى حولوهم إلى تل فيه طائفة من المسلمين، ومن بين هؤلاء المسلمين شيخ جليل له هيبة على فرس له
وإذ بالصراخ بين النسوة فقالت مالكن:
فقلن هذا هو السلطان!!!
قالوا هذا صلاح الدين المخيف آكل لحوم البشر شارب الدماء
فارتجفت مارييت وأبعدت نظرها عنه من شدّة خوفها
وأخذت تختلس النظر إليه لأنها لا تريد أن ترى هذا الوحش الكاسر
وبالإختلاس للنظر لم تجد أنيابا ولا مخالبا
بل وجدت هيبة ونور وجلال وأدب واحترام ووجه سمح ليس فيه غلطة.
فلمّا وصلت هذه القافلة من النسوة إلى صلاح الدين
قال: وسأل ما شأنهن لماذا هذه القافلة معظمها نساء!؟

 فقالت إمرأة: هذه قافلة من النسوة اللواتي أسر رجالهن في المعركة
أزواجهن أسرى مفقودين لا يعلمن عن أخبارهم
وبدأ البكاء لمّا بدأن يشرحن لصلاح الدين الخبر
مارييت ما بكت... تبكين أمام وحش هل سيرّق لك !!
لكن فوجئت مفاجأة عظيمة أن صلاح الدين بدأ يبكي مع النسوة 

ثم أصدر أمرا وإذ بالخيّالة يتحركون وفجأة وإذ بأعداد كبيرة من الرجال الأسرى من النصارى قد أتوا
ثم أمر صلاح الدين أمرا آخر وإذ بمجموعة كبيرة من الدواب والطعام والمال
فأمر بإعطاء الدواب والطعام والمال إلى الأسرى وقال:
"أنتم أحرار من وجدت زوجها تذهب إليه ومن لم تجد زوجها فهو قتيل"
هؤلاء الذين عندنا
ومن زوجته ليست في هذه القافلة يذهب ليبحث عنها
وبدأت صرخات الفرحة تنطلق بين النصارى
هذه وجدت زوجها وهذا وجد زوجته وهذا وجد أخته 

وبدأت الصرخات من كل مكان وبدأت مارييت تجري تبحث بين الرجال عن زوجها وإذ بالمفاجأة العظيمة
زوجها صحيح معافى أمامها لم يمس فنسيت الشقاء ونسيت الهزيمة وألقت بنفسها بين ذراعيه
كرم السلطان صلاح الدين حوّل الحزن إلى سعادة
من يفعل هذا في الدنيا!!
هذه حضارتنا وقارنوها بحضارتهم عندما ينتصرون ويحتلون أي بلد ماذا يفعلون بالمدنيين؟
قارنوا لتعرفوا الفرق على مدى الزمان.

واجتمعت مارييت بزوجها فرحة وانتهت بالنسبة إليها فترات الحزن
وتشاورا هل يرجعان إلى القدس أم يكملان إلى البلاد التي فيها النصارى
فكان القرار بأن يكملا الطريق إلى النصارى
لا يريدون أن يعيشوا رغم كل كرم المسلمين وكل إحسان المسلمين
لكنهما يريدا أن يكونا بين أهلهم وبين قومهم وأهل دينهم
(وهذا شعور طبيعي عند الإنسان) 

وتحرّكت القافلة من جديد وقد رجع بعضها إلى القدس وتحركت مارييت مع زوجها
وهي تحسّ في قلبها بالإعتراف بفضل هذا الرجل العظيم
رأت فيه الإنسانية والحق والنبل
رأت فيه أنه منتصر في قضية هو يؤمن بها ومن حقه أن يؤمن بها ويقاتل من أجلها
وتذكّرت التاريخ كيف أنه لمّا كان المسلمون مسيطرين على القدس قرونا
لم يُمس نصراني فيها لم تبدأ المشاكل إلّا عندما إحتلها نصرانيون فقّتلوا المسلمين 

ولو تركوها تحت حكم المسلمين فعاش الناس جميعا في سلام
ولعاش الناس يعبدون الله كما يشاءون وهذه دعوتنا اليوم نحن
لماذا نرفض حكما اليهود لأن اليهود منعونا من الصلاة في مسجدنا
يريدون أن يخربوا القدس ويخربوا بيت المقدس
وكم قتلوا وكم شردوا وكم اعتقلوا وكم منعوا من مصلي أن يصلي يوم الجمعة
قارنوا هذا بما فعلناه نحن قرونا طويل
اليهود والنصراني كل يعبد الله عزّ وجل في القدس 

كنائسهم قائمة بيعهم قائم لم تمس، هذه كنيسة القيامة اليوم موجودة كم قرنا كانت تحت حكم المسلمين
لماذا لم يدمروها هذه آثار النصرانية في كل مكان في القدس لماذا لم تمسح
ديننا يقول لنا ذلك
فبدأت تقارن وكادت أن تُعجب بصلاح الدين بل كادت أن تحب صلاح الدين
ثم تنتبّه في داخل نفسها دينها لقد علموها منذ نعومة أظفارها أنها تبغض الإسلام وتكره هذا الدين
وبدأت تفكر في سيئة واحدة لصلاح الدين أو للمسلمين
تقارن بٌغضها لهم وتقارن بعد ذلك تعاملهم معها
ثم بدأت تقارن مقارنة أخرى

لما وصلتها الأخبار أن البطريك الأعظم قائد القساوسة في القدس
خرج من القدس ولم يبق فيها ومعه قافلة أخذ كل كنوز الكنائس والمعابد
ونظف الكنائس من كل شيء ثمين فيها
ولم يُعط هذا المال لأحد من النصارى بل حتى لم يعطيه لبعض النساء لم يجدن مالا يخرجن به
ولم يتصدق على شيخ عاجز من هذه الأموال ادّخر كل هذه الأموال له
وتذكّرت له لمّا قارنت أن السلطان سمع بالخبر وأن البطريك يخرج بأموال الكنائس فلم يمنعه
لأنه اشترط، مع أنه كان يستطيع أن يمنعها كان يستطيع صلاح الدين أن يمنع
شروط الإتفاق أنّ الواحد يخرج بأمواله لا بأموال الكنائس 

مع ذلك لم يرد صلاح الدين أن يتحدث أحد عن المسلمين أنهم أخذوا شيئا من النصارى
فتركه ومضى فقال:
ماذا يفعل هذا رئيس ديننا ماذا يفعل وهذا سلطان المسلمين
أنظروا الفرق وكادت تتمنى أن تكون مسلمة لكن رجعت معاني النصرانية إلى نفسها
وخرجت القافلة التي هي فيها
وخرج معها الأغنياء بأموالهم لم يساعدو الفقراء
وخرج وراءهم بطريك لم يساعد أحد من الفقراء والمحتاجين
تفرقّت القوافل وصارت قافلة مارييت ومعها صاحباتها ومعها زوجها في طرق مقفرة ومسالك موحشة
عندما خرجوا من الديار التي يسيطر عليها المسلمون وصاروا الآن بين أرض ليست للمسلمين وليست للنصارى
أرض فارغة يريدون أن يقصدوا أرض النصارى 

توجهوا الآن من فلسطين متجهين نحو طرابلس (في لبنان الآن)
كانت ما زالت في يد النصارى وصارت القافلة مسافة طويلة وجهد شاق
لا يوجد سيارات ولا طيارات ذهب النساء والأطفال والطعام والشراب
فما بلغوا طرابلس إلّا بعد جهد بالغ ومشقة مهلكة حتى أن بعضهم مات في الطريق من شدّة التعب أو الجوع
و معه من الأغنياء من بينهم البطريك الذي سار مع القافلة
وإنضم إليها يحمل من أموال الكنائس التي تصدق بها الناس قربة كما يظنون إلى الله عز وجل
معه في الرواية النصرانية أكثر من 100 ألف دينار ذهبي 
فلم يتصدّق حتى على الذين ماتوا معه في الطريق 

والأعجب من هذا والأشد أنهم لمّا وصلوا إلى طرابلس وكانت أعداد كبيرة قد خرجت من بيت المقدس
أصدر الأمير النصراني الذي يحكم طرابلس قرارا بإقفال الأسوار أمام القافلة التي جاءت من القدس
أمام قومه أمام النصارى الذين مثله
(هذه قصة نحن لا نرويها) هذه قصة مأخوذة من كتب المؤرخين والأوروبيين ويتعجبون هم من فعله
قال: لا نريد أن يزاحموننا طرابلس لاتتحمل هذه الأعداد الكبيرة فمنعهم من دخولها
ثم وصلته الأخبار أن معهم البطريك ومعهم مئات الألوف
ومعهم ما حملوه من ذهب وغيره فبدل من أن يسمح لهم أن يدخلوا ويتاجر
ويضيفوا إلى إقتصاد طرابلس أصدر قرار أخبث من القرار الأول 

فأخرج مجموعة من الأبطال والشجعان من داخل طرابلس ليهجموا على القافلة
ويسرق ما كان فيها من أموال نصارى يسرقون من النصارى
والرواية نصرانية تصدى مجموعة من الشجعان والأبطال الذين كانوا في القافلة ليحموا القافلة
ويرد أهل طرابلس فوقعت موقعها ومعركة بين الطرفين
ومن بين الذين قُتلوا في هذه المعركة زوج مارييت 

واستطاع جيش طرابلس أن يمزّق القافلة ويسرق ما فيها
وفرّ من فيها إلى البر أكثر من في هذه القافلة ظلّ فارا حتى رجع إلى المسلمين
وطلب اللجوء إليهم مرة أخرى؛ يفّر من النصارى!!
خرجوا من المسلمين بكل أمان لمّا وصلوا عند النصارى ذبحوهم وسرقوهم
أكثرهم رجع إلى المسلمين وقلّة منهم ضاعوا مع هذه الفوضى التي صارت
ضاعوا من بين الذين تاهوا

مرييت فقدت زوجها فقدت الأمان فقدت الأهل فقدت كل شيء
فمات معها الحس وتبلّد الشعور الذين معها تنزل معهم ترحل برحيلهم تأكل إن أطعموها
إذا تركوها تصمت كأن عقلها أصابه الجنون
وتحرك هؤلاء التائهون إلى مدينة نصرانية أخرى
هذا أيضا في الرواية النصرانية نفسها (هذا في كتب المؤرخين الأوروبيين)
وصلوا إلى أنطاكيا في شمال الشام على الساحل
فمرة أخرى طردهم أهلها وردّوهم ورفضوا أن يستقبلوهم فرجعوا أيضا
أعداد كبيرة منهم رجعت إلى بلاد المسلمين
وقد أيقنوا أنه لن يعاملهم أحد في الأرض أنبل ولا أفضل من هذا الشعب
الذي علّمه محمد صلى الله عليه وسلم كيف تكون الإنسانية والرحمة،

أمّا مارييت التي كادت تفقد عقلها ممّا حدّث لم ترجع...
ضلّت على أسوار أنطاكيا كأنها لا تبصر ولا تعي
فأقبل عليها شاب من نصارى أنطاكيا، فخرج من السور لمّا رآى هذه الفتاة
فأخذها بيدها و عطف عليها
فانقاذت له وسارت معه حتى أخذها إلى بيته الذي على شاطئ البحر
فأدخلها البيت وأعطاها فراشا فسقطت من شدّة التعب والإعياء نائمة
ولم يوقظها إلّا أصوات جدل ونقاش حاد!
فاستيقظت وانتبهت وإذ برجل يقول للذي أنقذها:
لن ندعك تنفرد بها هذه أجمل فتاة رأيناها في حياتنا

فيقول الذي أنقذها: هذه صيدي أنا... أنا الذي إصطدتها
في البداية لم تفهم مارييت 
ثم لمّا اشتدّ الجدل لهؤلاء الشبّان الذين يريدوا أن يكونوا شركاء فيها
وهذا الذي تظاهر أنه ينقذها إنما أخذها ليعتدي على شرفها وعفافها
وفهمت أنها بين ذئاب بشرية
هذا الذي أنقذها ليس بإنسان، وهؤلاء يريدون أن يشتركوا معه في الجريمة 

سبحان الله فعاد إليها وعيها وتذكرت الماضي كلّه.
تذكّرت كيف كان زوجها يحميها وكيف كانت في شرفها فغصبت...
كيف أنتم من أهلي من ديني، فنطقت
وبدأت تصرخ فيهم هذه هي مروءتكم!! هذه هي إنسانيتكم! هذا دينكم!
فأخذ الشبّان يضحكون ويقهقهون فبدأت تخاطبهم:
"أنا منكم أنا بنت بلدكم أنا بنت دينكم أنا إمرأة متزوجة ترملّت قبل أيام مات زوجي"

وأنا عندي رضيع أخذ يضحكون أكثر وأكثر قالوا:
أنت عندنا ليس لك مخرج من هذا المكان أنت جارية عندنا
فقالت: أنتم بشر أم وحوش في جلد بشر!؟
هل نسيتم المروءة!؟
هل نسيتم الشرف!؟
ألا تستحون أن يكون المسلمون أشفق على نساء النصارى منكم!؟
أحفظ لشرف النصارى منكم!؟

 فزادوا ضحكا قالوا:هذا أمرنا
أنت وجدناك ونحن نطعمك ونشربك وأنت لنا
فهنا قالت أيكون دين المسلمين أرحم بالنصارى من النصارى أنفسهم!؟
والله أنتم لستم لا للمسيح ولا لمحمد لانصارى ولا مسلمين
المسيح الحق لا يفعل هذا فبدأت تعضهم بمثل هذه المعاني فقالوا لها:
دعي عنك هذا تستسلمي لنا بهدوء وبدون مقاومة وبلا أذى وبدون أن تؤذي نفسك
ليس لك مخرج من هذا البيت إلّا طريقين، أما أن تستسلمي بهدوء أو تستسلمي بالقوة ويصيبك الأذى 

لمّا وجدت مارييت أنها تتعامل مع وحوش وأنها لم ينفع وعظها فيهم
ومحاولة تحريك نفوسهم بمقارنة النصارى بالمسلمين فبدأت تلعنهم:
"عليكم اللعنة... لكم الخيبة والخزي...
"فيزداد ضحكهم
بدأت تتلّفت حولها ماذا ستفعل قد تجد سلاحا
تبحث عن من يناصرها يعينها على حفظ شرفها وليس في البيت أحد إلّا شبّان
اشتدّت بهم الشهوة بعيون محمرّة 

جنّ جنونها، معها ولدها كان لما أنقذها ما زال ولدها رضيعها في الغرفة معها
والبيت هذا على سفح يطل على الهاوية إلى البحر
والبحر ساكن هادئ فالتفت وإذ مرتفع عالي لا يوجد مجال للهروب
لا يوجد مجال للهروب لا يوجد إلّا الباب أما النافذة تطل على واد سحيق ينتهي ببحر
فأما التّكسر على الصخور، وإما السقوط في البحر والموت غرقا
وإذا أنقذت نفسها فكيف ستنقذ ولدها!!

 فبدأت تتعطف وتترحم...
أرجوكم... أرجوكم فيزداد الضحك
وبدأ يقتربون منها فجنّ جنونها
فهجمت ليس على الشبّان
وإنما على إبنها وبحركة غريبة مفاجئة
فوجئ لها الشبّان ولن يتوقع أي إنسان يسمع بهذه القصة
هجمت على ولدها فأخذته ورمته من النافذة
اندهش الشبّان وانصدموا في مكانهم
قتلت ولدها أي أم هذه تقتل ولدها!!!

وفوجيء الشبّان بأن مارييت تركض وراء ولدها وتقفز في البحر وراء ولدها
فتغرق مع الرضيع وتصعد من بطن البحر فقعاتان آخر أنفاس المرأة ورضيعها
فيهما اللعنة على هؤلاء الذين لا يعرفون دينا ولا يعرفون خلقا ولا يعرفون رحمة 

قصّة مارييت الذي يرويها المؤرخون النصارى ونهايتها هذه
قصّة نبل المسلمين الذي تجاوز البحر في عظمته ونذالة جيش من قطاع الطرق
ومن المتوحشين تحركوا باسم النصرانية
والنصرانية منهم براء فدنسوا أرض فلسطين..
سرقوا وقتلوا وانتهكوا الأعراض وشوهوا دين المسيح 

متى يأتي اليوم الذي ترجع فيه هذه الربوع ويرجع فيه الأقصى والقدس الشريف وفلسطين المقدسة
إلى حكم يحكم بالعدل ولا يظلم ولا يسفك دماء ولا ينتهك أعراض ولا يسرق أموال
أي فرق بين الحكم الإسلامي لفلسطين والحكم النصراني أيام الصليبية لفلسطين!؟
أي فرق بين الحكم الإسلامي لفلسطين وحكم اليهود اليوم لفلسطين!؟
وهذا الحكم قادم آراه كما أرى الذي أمامي إذا كانت فلسطين قد ضاعت 88 سنة ثم عادت
فهي لم تضع حتى الآن هذا الأمر وستعود ويعود السلام إلى أرض السلام 

المصدر 👈هنا👉

لمزيد من القصص التاريخية يمكنكم الإطلاع على هذا القسم من👈هنا👉

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-